التطوير العقاري والمضاربات يضاعفان أسعار العقار في مكة المكرمة

ساهمت مشاريع التطوير الجارية في العاصمة المقدسة في رفع أسعار العقار، وطال التأثير المواقع الكائنة خارج نطاق أحياء مكة المكرمة، وبالتحديد في المواقع المجاورة للدائري الثاني، والمخططات الموازية في أحياء الشرائع، وطريق السبيل.

وقفزت أسعار الأراضي من 30 ألف ريال للمتر المربع إلى 350 ألفا كحد أدنى، وتأثرت أكثر من 18 أسرة من السكان بحركة التطوير حسب تقديرات مواطنين، حيث تحول العديد إلى حياة العزوبية جراء حركة التعمير والمضاربات العقارية. وعدّد الدكتور مجدي حريري مدير عام شركة مكيون لـ«الشرق الأوسط» أسباب ارتفاع أسعار الأراضي، وأجملها في المضاربات وكثرة المشاريع التي نتج عنها إزالة مخططات على الدائري أو التوسعة، إلى جانب اعتبار العديد من المستثمرين ورجال الأعمال المضاربة في أراضي مكة المكرمة والمناطق المجاورة ملاذا آمنا لأموالهم.

وأشار إلى أن المعروض من الأراضي في القطاع السكني بالمملكة بشكل عام أصبح يعاني عجزا قدّره بنحو 500 ألف وحدة سكنية، مضيفا أن مثل هذا الرقم يحتاج إلى حلول جذرية من السكان والجهات المختصة، مثل صندوق التنمية العقارية وشركات التطوير العقاري، معتبرا أنها مسؤولية كبيرة تقع على عاتق العديد من الجهات التي ينبغي أن تعالجها، سدا للفجوة، وحتى تعالج قضية ارتفاع قيمة الأراضي.

وأوصى حريري بصرف النظر عن تسليم أصحاب العقارات المنزوعة من المواطنين التعويض وإبرام عقود مع شركات كبيرة للمقاولات لتولى عملية البناء، حلا لقضية ارتفاع الأسعار وتفادي المضاربات العقارية، وقال إن أراضي المنح ينبغي النظر إليها باستراتيجية متكاملة، وأن تباع ما بين الأمانات وصندوق التنمية العقارية وشركات التطوير العقاري لعمل مشاريع بأسعار معقولة تلبي احتياجات كافة أطياف المجتمع.

من ناحيته اتفق المهندس عبد الخالق الزهراني مدير مشروعات الشركة السعودية للتنمية العمرانية في مكة، مع الرأي في أن المضاربات هي السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار العقار في مكة والمناطق المجاورة، وأنها تسهم في بروز خلل في سير عجلة التطوير العقاري والعمراني، مشيرا إلى اعتماد مستثمرين لحركة الأسعار المتموجة، مستشهدا بما حصل من ارتفاعات في الشوقية، حيث وصل سعر الأرض إلى مليون ريال، وينتج عن ذلك أن صاحب الأرض المنزوعة لا يتسنى له شراء أرض بديلة أو استثمارها، كون معظمهم من ذوي الدخل المحدود.

الدكتور هشام شنلي مدير عام تنمية الاستثمارات البلدية بالعاصمة المقدسة قال إن من الطبيعي أن ترتفع الأسعار، كونها من أكثر المناطق طلبا في العالم، مشيرا إلى أن الأسعار ستوالي الارتفاع بسبب مكانتها الدينية، وقال: «المعادلة الواضحة لأي عقاري أن يعود العقار بعشرة في المائة سنويا من قيمته الأصلية».

إلى ذلك أكد منصور أبو رياش رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة، أن ظاهرة ارتفاع أسعار العقارات تعتبر طبيعية، مؤكدا أنه إذا تحسن المناخ في تطوير جهة مجاورة لأي حي أو منطقة ينعكس على من سواها.

وأشار أبو رياش إلى أنه من المفترض أن تتواءم الأنظمة البلدية، خصوصا في منطقة مكة المكرمة، بإيجاد نظام ارتفاعات جديد للأحياء الأخرى البديلة التي تخضع لسد الفجوة بين العرض والطلب، وإيصال الخدمات إلى مخططات المنح والمخططات الأهلية المباعة من 20 إلى 30 سنة لإكمال منظومة الخدمات.

وأشار أبو رياش إلى ضرورة إشراك القطاع الخاص للحدّ من تفاقم المشكلة بعد موسم الحج، وقال: «نظام الارتفاعات عقيم جدا، لا يصلح تطبيقه على أرض الواقع، خصوصا أن 70 في المائة من أراضي مكة المكرمة قمم جبلية، و30 في المائة فقط هي الأراضي البيضاء، عندها تأتي الحاجة الملحة إلى ارتفاع البناء برفع طوابق أخرى وزيادة نسبة البناء».

ومن جانب آخر اشتكى عدد من المواطنين المنزوعة مساكنهم، واعتبر أحمد بركات التطوير شبحا اجتاح الأحياء والمساكن التي كانوا يقطنون فيها، مما أجبره ـ على حد قوله ـ على أن يخرج أبناءه من المدرسة ليعيدهم إلى والده الذي يسكن شمال المملكة، لعدم وجود المسكن البديل ولغلاء الإيجارات والأراضي، واقتصار أكثر أصحاب العقارات على تأجير عقاراتهم للوافدين من الحجاج والزائرين.

وأضاف بركات قوله: «إن ما يحصل من تلاعب من المستثمرين والعقاريين وغياب الرقابة أسهم في تمرد الكثير من الذين لا يراعون حقوق الآخرين»، مناشدا المختصين بسرعة اتخاذ قرار يحدّ من هذه الارتفاعات، أو أيجاد مساكن بديلة لأصحاب المساكن (العشوائية).

وقال المواطن محمد العمري إن عمليات التطوير تسببت في تشريد العائلات والأسر، وجعلت أسعار العقار مرتفعة سواء للأراضي أو الوحدات السكنية، مما لفت أنظار العقاريين إلى عقاراتهم واستغلال الفرصة من قبلهم ليخلقوا من التطوير سببا لرفع أسعار العقارات، فكان السكان هم المتضررين، ليس برفع الإيجارات فحسب، بل أسهم في نقل الأطفال من مدارسهم للجوء إلى سكن رخيص بعيدا عن الأحياء التي يتم فيها التطوير، علما بأن الإيجار في الأحياء المجاورة للتطوير أصبح سعره يعانق السحب.

تواصل معنا